لماذا سمح الأمير بن سلمان بتصوير مُعتَقلات بقضايا خاصّة بأمن الدولة على “الإخباريّة” وكيف ظهر حالهن وحال سجن “الطرقية” الذي يستضيفهن؟..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1219
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 وماذا عن اتهامات التعذيب بالسجون السعوديّة وطُرقه وأعداد المُعتقلين فيها وهل الاعتقال السياسي عُقوبة أم حماية؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

بثّت قناة “الإخباريّة” السعوديّة الرسميّة مقطع فيديو من داخل القسم النسائي في سجن الطرقية بمنطقة القصيم لأوّل مرّة في مُحاولةٍ للسّلطات السعوديّة تحسين سُمعة سُجونها، ونشر صُورةٍ مُغايرة للاتّهامات الغربيّة المُتعلّقة بها، وأوضاعها المُتردّية، وعن طريق التغطية الإعلاميّة.

المُعتقلات إضافةً إلى أنّهن لا يتعرّضن لأيّ انتهاكات وتعذيب، وانتهاك للخُصوصيّة، حسب التقرير الذي بثّته قناة “الإخباريّة”، يستفدن من برامج أطلقت عليها السلطات “إدارة الوقت”، حيث تستطيع المُعتقلة التمتّع بأنشطة ترفيهيّة، كما تجميل نفسها في صالون نسائي، وصالة رياضة، وألعاب الفيديو، أيّ أن الدولة السعوديّة تصرف من ميزانيّتها على تحسين بيئة الاعتقال، وتقديم برامج تأهيليّة تُرافِق المُعتقلة حتى خُروجها، ولكن يرى البعض أن التأهيل للمُعتقلات على قضايا خاصّة بأمن الدولة، خاضع لمعاييرٍ أخرى وأدبيّات تصفها الدولة بالحماية من الأفكار الضالّة، قد لا تحتاج بوجهة النظر المُقابلة لتقييد حُريّة الفرد، لمُجرّد البَوح برأيه، على عكس المُجرم والسّارق، الذي يحتاج لعُقوبةٍ وتأهيل ليعود لحياته إنساناً طبيعيّاً.

جاء ذلك بينما تتحدّث تقارير صحفيّة غربيّة، وجمعيّات حُقوقيّة، و”هيومن رايتس ووتش” عن تردّي أوضاع السجون السعوديّة، وتحديدًا تلك التي يجري فيها اعتقال النشطاء والناشطين بقضايا سياسيّة، وثبّتت ناشطة حُقوق المرأة لجين الهذلول تجربتها المريرة في الاعتقال، حيث ذكرت تعرّضها للتعذيب، والتحرّش داخل سُجون بلادها، وهي التي جرى اعتقالها، على خلفيّة تهم تخابر مع دول أجنبيّة، وجرى تخفيف الحُكم والإفراج عنها، ولكن الهذلول لا تزال ممنوعة من السفر، وتُحاول جاهدة مُغادرة بلادها، وتنفي السلطات السعوديّة من جهتها تماماً تعرّض المُعتقلين، والمُعتقلات لأيّ إساءات، وتعتبرها مزاعم لا أساس لها من الصحّة، يجري الترويج لها لتشويه صُورة المملكة.

الإعلام السعودي المحلّي عادةً ما يدخل إلى السجون السعوديّة، وينقل برامج تأهيل للمساجين وتجاربهم الذين اعتقلوا بسبب جُنَح جُرميّة، وسرقات، وغيرها، ولكن الأمر اللافت أن السجن النسائي الذي جرى التصوير بداخله، “يضم نزيلات اعتقلن على قضايا خاصّة بأمن الدولة”، ويأتي في توقيتٍ تتزايد فيه الانتقادات الغربيّة للمملكة، والانتهاكات المُسجّلة ضدّ المُعتقلات، وخُصوصاً من ينشطن في قضايا سياسيّة واجتماعيّة حسّاسة.

التقرير المبث على القناة، حرص مُراسله يوسف الحميد على التجوّل في زوايا سجن الطرفية، الذي ظهر أشبه بمركز نسائي، كما التقى المراسل بثلاث من المُعتقلات، كان أبرزهن ياسمين الغفيلي، وهي ناشطة تمّ اعتقالها في أيّار/ مايو العام الماضي، والغفيلي كانت ناشطة تعمل تحت اسم مُستعار، تُدافع عن مُعتقلي الرأي، ثمّ تعرّفت السلطات السعوديّة عليها، واعتقلتها.

وتُريد السلطات السعوديّة من إظهار تمتّع الغفيلي بوسائل الترفيه بالسجن وبصفتها “نزيلة مُشرفة القسم الرياضي”، بأن الدولة مُتسامحة مع نشطاء الرأي السياسي، وتسمح لهم رغم آرائهم السياسيّة التمتّع بوسائل الراحة خلال فترة الاعتقال كما واختيار الأنشطة التي تُناسب رغباتهن بحسب توصيف المراسل في التقرير والظهور على التلفزيون الحكومي، لكن الغفيلي كما يرصد مُعلّقون ظهرت بعباءتها، ونقابها، وإمكانيّة تعرّضها للتعذيب وإخفائه بالنقاب واردة، كما أنها لا تتمتّع بكامل حريّتها لترفض إجراء هذه المُقابلة، وقد تكون تمّت تحت الضغط، هذا عدا عن التساؤلات القانونيّة حول ظُروف اعتقالها، ومُحاكمتها، وتنقل المنظمة الأوروبيّة السعوديّة لحُقوق الإنسان عن عائلات المُعتقلين قولهم بأنهم لاحظوا آثار تعذيب خلال زياراتهم لأقربائهم في السجون السعوديّة.

تجدر الإشارة إلى أن جهاز “رئاسة أمن الدولة” يتبع مُباشرةً للأمير محمد بن سلمان، وهو يده الضّاربة في تنفيذ الاعتقالات، وإدارة السجون، ومُنفصل بأمر ملكي عن وزارة الداخليّة، وجرى استحداثه في عهد الملك سلمان 20/يوليو/2017، ويتبع لجهاز أمن الدولة جهاز المباحث العامّة (سجون المباحث)، وبالتالي هذا العرض الإعلامي وتصوير مرافق السجن المذكور تمّت بعلمه، ومُوافقته، ولغايات تحسين الصّورة، والمُشوّهة بنظر الغرب، وبعد اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

واللافت أن العربيّة السعوديّة انضمّت لاتفاقيّة مُناهضة التعذيب العام 1997، لكن تقارير المنظمة الأوروبيّة السعوديّة لحُقوق الإنسان تتحدّث عن طرق عديدة للتعذيب في السجون، منها: الفلقة، الصّعق بالكهرباء، التعليق، الحرق بالسجائر، الركل والصفع، واللكم العنيف، الضرب بمُختلف الأدوات، التقييد، المُعاملة النفسيّة المُهينة، الحبس الانفرادي، الحرمان من التواصل مع العالم الخارجي، الحرمان من الطعام والماء، الحرمان من استخدام الحمام، الحرمان من النوم والرعاية الطبيّة، الإهانات والشتائم، كل هذا تقول السلطات السعوديّة بأنها مُلتزمة بمنعه، والتحقيق فيه حال وقوعه، مُراعية الشرع والقانون والنظام مع جميع المُعتقلين، والمُعتقلات.

ومن غير المعلوم كم عدد سُجناء القضايا السياسيّة في المملكة، فالأخيرة تفرض تعتيم إعلامي على الأعداد، كما لا تُؤكّد اعتقال البعض، ولا تنفي، وتتحدّث منظمة “فريدوم انيتياتف” عن 68 ألف مُعتقل في السجون، ومراكز الاعتقال.