بوحشية في غزة وعنف بالضفة.. إسرائيل تخسر معركة الرأي العام الدولي
مع مرور أكثر من ستة أسابيع منذ هجوم حركة "حماس"، وأكثر من ثلاثة أسابيع منذ أن بدأ الجيش الإسرائيلي عملياتها البرية في غزة، تخسر تل أبيب معركة الرأي العام الدولي في ظل الرد "الوحشي" للجيش في القطاع و"عنف" المستوطنين في الضفة الغربية.
ذلك ما خلص إليه ماكس بوت، في مقال بصحيفة "ذا واشنطن بوست" الأمريكية (The Washington Post)، على ضوء حرب متواصلة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
بوت، وهو زميل في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، تابع في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه في البداية كان العالم مرعوبا من هجوم "حماس"، و"لكن الآن أصبح قسم كبير من العالم مرعوبا من وحشية الرد الإسرائيلي".
وردا على اعتداءات الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني، شنت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات محيط غزة، فقتلت 1200 إسرائيلي وأصابت 5431 وأسرت نحو 240 ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.
ومنذ 46 يوما يشن جيش الاحتلال حربا مدمرة على غزة خلّفت أكثر من 13 ألفا و300 شهيد فلسطيني، بينهم ما يزيد عن 5 آلاف و600 طفل و3 آلاف و550 امرأة، فضلا عن أكثر من 31 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وقال بوت إن "أشد منتقدي إسرائيل يتهمونها بارتكاب جرائم حرب، بل وحتى إبادة جماعية، وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز-إبسوس الأسبوع الماضي انخفاض نسبة مَن يرون أنه على الولايات المتحدة أن تدعم إسرائيل من 41% إلى 32% منذ بداية الصراع، وقال 68% إنه يجب على إسرائيل وقف إطلاق النار ومحاولة التفاوض".
وأردف: قد يتم التوصل إلى وقف قصير لإطلاق النار لمدة تصل إلى خمسة أيام كجزء من صفقة لإطلاق سراح بعض الأسرى، ولكن الإسرائيليين يدركون أن وقف إطلاق النار لفترة أطول يعني الآن فوز حماس".
ورجح أن "تمنح إسرائيل جيشها الوقت الذي يحتاجه لتأمين غزة، بغض النظر عن حجم ردود الأفعال التي يتلقاها من الخارج".
بلا شرعية
"لكن حتى الآن، ليس معروفا ماذا سيحدث" بعد الحرب، كما أضاف بوت. ويقول قادة الاحتلال إن الحرب تهدف إلى الانتقام من "حماس"، عبر إنهاء حكمها المتواصل لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة.
وأردف أن "نتنياهو يتأرجح يائسا بين مطالب المجتمع الدولي بعدم إعادة احتلال غزة (كما كان الوضع بين 1967 و2005) ومطالب ائتلافه اليميني (المتطرف) بعدم تمكين السلطة الفلسطينية (من العودة إلى حكم القطاع)".
وقال نتنياهو إن إسرائيل لن تحتل غزة، لكنها تخطط لتحمل "المسؤولية الأمنية الشاملة" عن القطاع، مشددا على أنه لن يسلمه إلى السلطة الفلسطينية.
بوت اعتبر أن "هذا مزيج غير مفهوم من زعيم فقد أي شرعية للقيادة. وحكومة نتنياهو تضيع فرصة لا تقدر بثمن لتهدئة الغضب الفلسطيني والتواصل مع الأنظمة العربية المعتدلة".
وأضاف أنه "ينبغي على إسرائيل أن تكرر التزامها بالدولة الفلسطينية، وأن تعرض بدء محادثات مع السلطة الفلسطينية".
ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لأسباب بينها تمسك الاحتلال باستمرار البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة وتنصله من إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل حرب 1967.
"كما ينبغي على إسرائيل أن تعمل مع شركائها الدوليين لتدريب وتوسيع قوات الأمن الفلسطينية، التي تتعاون حاليا مع القوات الإسرائيلية لحفظ الأمن في الضفة الغربية (المحتلة)، حتى تتمكن في نهاية المطاف من السيطرة على غزة"، بحسب بوت.
نهاية غامضة
بوت قال أيضا إنه "يتعين على إسرائيل أن تتخذ إجراءات صارمة ضد التوسع غير القانوني في المستوطنات وعنف المستوطنين في الضفة الغربية، وهو ما يزيد من خطر اضطرار إسرائيل إلى شن حرب على جبهتين".
وتابع: "حذرني مسؤول أمريكي من أن الضفة الغربية "تترنح" وقال: "إذا أرادت إسرائيل الاستمرار في التركيز على الأمر الأكثر أهمية، وهو الفوز في حرب غزة وإخراج الأسرى بأمان، فعليهم أن يجدوا طريقة لخفض التوتر في الضفة الغربية، بوقف عنف المستوطنين المتطرفين".
لكن بحسب بوت "هذه ضرورة حتمية تظل حكومة نتنياهو، الخاضعة لاستعباد المستوطنين اليمينيين، غافلة عنها".
وأردف: "وهكذا تستمر الحرب، دون أن تلوح لها نهاية في الأفق أو يقين يفوق المزيد من المعاناة وإراقة الدماء (...) وتظل النتيجة النهائية غامضة كما كانت قبل ستة أسابيع".
المصدر | ماكس بوت/ ذا واشنطن بوست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد