«نيويورك تايمز»: انخفاض أسعار النفط يجبر السعودية على البحث عن أصدقاء جدد

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2338
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 كانت المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة هي القوة المهيمنة في سوق النفط، ووضع ذلك العالم تحت رحمة طموحاتها ومصالحها. والآن، يجب على المملكة تحديث استراتيجيتها لتلائم انعكاس الأمر وما أضحت عليه قبضتها من ضعف.
وقد حولت الطبيعة المتغيرة لصناعة الطاقة، مثل ازدهار إنتاج النفط الصخري في الحقول الأمريكية، واستمرار انخفاض أسعار النفط الخام، وصعود الغاز الطبيعي، المعادلة الجيوسياسية.
وفي حين لا تزال المملكة منتجا رئيسيا للطاقة، يجب عليها التعويض عن عائداتها المفقودة. وفي نفس الوقت، تسعى كل من الولايات المتحدة والصين وروسيا للحصول على ميزة مالية.
وتتحرك روسيا، التي تتذمر من العقوبات الغربية وانخفاض أسعار النفط، للحصول على صفقات الطاقة في المملكة، على الرغم من تنافسهما في سوريا، حيث تدعم الدولتان الجانبين المتنافسين. وتسعى الصين، مع انخفاض إنتاجها المحلي من النفط، إلى تدفق مستقر للنفط السعودي، فضلا عن جذب الاستثمار السعودي في صناعاتها البتروكيماوية ومصافي التكرير.
وقد تكون واشنطن مستعدة للتغاضي عن تلك المغازلات، على أمل أن تستمر المملكة حصنا استراتيجيا ضد إيران.
وتتلاءم رغبات القوى العظمى الثلاثة مع استراتيجية المملكة العربية السعودية لإيجاد شركاء استثماريين جدد، كجزء من دفعة أوسع لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط، وتقليص العجز الكبير في الميزانية، وتأمين مستقبل المملكة.
ويتمثل حجر الزاوية في المشروع في طرح أسهم شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام، وهي شركة نفط وطنية، تبلغ قيمتها الأولية المقترحة مئات المليارات من الدولارات.

موسكو.. الرياض
وكانت اللعبة الجيوسياسية المتغيرة قد تكشفت بالكامل في ديسمبر/كانون الأول، عندما حضر وزير الطاقة السعودي «خالد الفالح» كضيف شرف لدى الرئيس «فلاديمير بوتين» عند افتتاح محطة عملاقة لتصدير الغاز الطبيعي.
وبالنسبة لـ«بوتين»، كان تقاربا جريئا تجاه حليف أمريكي، عندما انتقل لتوسيع ثرواته في مجال الطاقة على الرغم من العقوبات الحالية. وبالنسبة لـ«الفالح»، كانت فرصة لمناقشة مبيعات الغاز في المستقبل، وجذب الاستثمارات لأرامكو السعودية، وتنسيق الجهود لدعم أسعار النفط العالمية.
وقال «بوتين» في حفل الافتتاح: «إذا واصلنا العمل بالطريقة التي نتبعها، فإننا سننتقل من كوننا متنافسين إلى شركاء». وقد وافقه على ذلك المسؤول السعودي.
ولا يزال النجاح النهائي للطرح العام لشركة أرامكو السعودية ومجمل الإصلاحات الاقتصادية في المملكة موضع تساؤل، ولا يتضح حتى الآن مدى التقدم المحرز في هذا الملف. ومع ذلك، فإن الممولين الأمريكيين والصينيين وحتى الروس متداخلون في لعبة معقدة حول الطرح العام الأولي، الذي وعدت به الحكومة السعودية في وقت لاحق من هذا العام.
وقد دعا الرئيس «ترامب» علنا ​​إلى دعم الاكتتاب العام وإدراج أرامكو في بورصة نيويورك. ويبدو أن الإدراج السعودي الآن أقرب للتداول في لندن أو هونغ كونغ. ويقول الممولون العالميون إنهم يرغبون في قطعة من هذه الكعكة أينما حدثت.
وقد ساعد الاهتمام بالاكتتاب العام في منح المملكة نفوذا أكبر، في الوقت الذي فقدت فيه الكثير من الهيمنة على منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
وقال «بيل ريتشاردسون»، وزير الطاقة السابق والسفير لدى الأمم المتحدة: «يعوض السعوديون عن خسارتهم في أوبك، ويظهرون براغماتية جيوسياسية بحتة في استراتيجيتهم الجديدة للطاقة وسياستهم الخارجية». وأضاف: «لكن الأمر لا يقتصر على تعويض قوتهم المفقودة، فهم يضيفون إلى قوتهم في مجال السياسة العالمية».
وكان للمملكة دور مركزي في الطاقة العالمية منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل. وعندما منحت المملكة العالم وفرة من النفط، وحصلت على حصة في السوق في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، دفعت الأسعار إلى أدنى حد، الأمر الذي ساهم في إفلاس الاتحاد السوفييتي في الوقت الذي كانت تمول فيه المتمردين الأفغان الذين يقاتلون السوفييت.
وكانت المملكة المورد الحاسم للنفط للولايات المتحدة، وقد دخلت واشنطن في الحرب في أوائل التسعينات لحمايتها من الغزو العراقي المحتمل كجزء من أهداف الحرب. وعندما احتاجت الصين إلى إمدادات جديدة للطاقة لتوسع اقتصادها في الأعوام الأولى من القرن الجديد، كانت السعودية حاضرة هناك مع برنامج طموح للتنقيب عن النفط لتلبية الطلب الجديد.
لكن «أوبك» لم تعد قادرة على السيطرة على أسعار النفط وحدها. وقد مكنت الفيضانات من حقول النفط الصخري الأمريكية الولايات المتحدة من خفض واردات النفط من دول «الأوبك»، والبدء في التصدير إلى الأسواق التي كان يهيمن عليها النفط السعودي في السابق.
ويسعى السعوديون، بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، إلى ربط التخفيضات في إنتاج «أوبك» على مدى العامين الماضيين مع تخفيضات من روسيا، وهي قوة أخرى مصدرة للنفط، لدعم الأسعار. وعلى المدى الأطول، يرغب السعوديون في استيراد الغاز الطبيعي ليحل محل الاستهلاك المحلي للكهرباء من النفط، مما يحرر المزيد من النفط الخام للتصدير.
وفي الوقت نفسه، توسع البلاد استثماراتها في المصافي ومحطات البتروكيماويات في جميع أنحاء آسيا والولايات المتحدة، لضمان دعم دورها في أسواق النفط الخام، في حين توفر مبيعات إضافية من البنزين الأعلى قيمة والديزل وغيرها من المنتجات المكررة.
وقال «بروس ريدل»، المحلل السابق لشؤون الشرق الأوسط لوكالة الاستخبارات المركزية: «إن انخفاض أسعار النفط جعل الحياة السعودية غير مستدامة، لذا يجب عليهم إيجاد بدائل. ومع ظهور أي شريك يمكنه مساعدتهم على القيام بذلك، فإنهم سيذهبون إليه بحماس».
ويعتبر الشريك الأكثر إثارة للدهشة هو روسيا، التي لا تزال على الجانب الآخر من الحرب الأهلية السورية، والتي تحاول أيضا بناء علاقات أفضل مع إيران، المنافس الإقليمي للمملكة.
وفي خريف عام 2016، قام والد ولي العهد، الملك سلمان، بأول زيارة رسمية إلى روسيا من قبل ملك سعودي حاكم. وتم التوصل إلى اتفاقيات تعاون متعددة، بما في ذلك المبيعات العسكرية، وكذلك التزام أكبر شركة للبتروكيماويات في روسيا، «سيبوت»، ببناء مصنع في المملكة.
وأعرب «كيريل ديمترييف»، الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي، الذي تديره الدولة، مؤخرا عن اهتمامه بالاكتتاب العام لشركة أرامكو السعودية، مشيرا إلى أن مجموعة من المستثمرين الروس والصينيين قد يشاركون معا في هذه المحاولة.

والصين أيضا
وكانت العلاقات بين شركات النفط الصينية والسعودية قد نمت بالفعل في الأعوام الأخيرة. وقد اشترت أرامكو حصة 25% في مصفاة في مقاطعة «فوجيان» تديرها شركة «سينوبك» العملاقة للنفط المملوكة للدولة، ولدى نفس الشركة مشاريع تكرير مشتركة في المملكة. كما وقعت الصين والمملكة اتفاقا أوليا الصيف الماضي لإنشاء صندوق استثماري بقيمة 20 مليار دولار، يختص بمشاريع البنية التحتية والطاقة والتعدين.
وقال «سعد إبراهيم الحسيني»، نائب الرئيس التنفيذي السابق لشركة أرامكو السعودية: «قد نعمل معهم أيضا. إنهم في أمس الحاجة إلى الطاقة، ولدينا الكثير من الطاقة هنا، وبالتالي تتناسب احتياجاتنا».
كما تعزز هذه الصفقات جهود أرامكو السعودية لتصبح قوة تكرير عالمية. ولا يمكن لهذا إلا أن يزيد من قيمة الاكتتاب العام الأولي المقترح للشركة، التي تنتج بالفعل المزيد من النفط الخام أكثر من أي دولة أخرى في العالم.
وقد سعت العديد من البنوك الدولية، بما في ذلك «جي بي مورجان تشيس»، و«إتش إس سي»، و«غولدمان ساكس»، و«سيتي جروب»، و«مورجان ستانلي» و«كريديت سويس»، لتقديم المشورة للمملكة والبحث عن دور في الصفقة النهائية.
وقد تم قيمت المملكة الشركة بـ2 تريليون دولار، وهو رقم يقول مصرفيو الاستثمار إنه سيكون واقعيا فقط إذا كان النفط بقيمة 100 دولار للبرميل، أي أكثر من السعر الحالي بنحو 40 دولار.
ويشكك العديد من خبراء الطاقة في أنه سيتم الانتهاء من طرح الأسهم، بسبب الأسئلة المستمرة حول سيادة القانون في المملكة، فضلا عن الامتيازات الخاصة الممنوحة للأسرة السعودية المالكة. ويتوقعون أن يتردد أفراد الأسرة المالكة في التخلي عن سرية أرباحهم من الشركة، والتي هي الآن مخفية عن الجمهور. وفي الوقت نفسه، شعر المستثمرون الدوليون بالخوف بعد حملة التطهير الأخيرة ضد السعوديين الأثرياء، الذين أجبروا على دفع مبالغ كبيرة من المال مقابل حرياتهم.
وقال «ديفيد غولدوين»، الذي كان مسؤول في وزارة الطاقة في وقت مبكر من إدارة «أوباما»: «سيكون من الصعب جدا بالنسبة لهم إقناع أي شخص لشراء قطعة من أرامكو قبل أن تصبح أكثر شفافية حول حصة العائلة المالكة والقيمة الفعلية للشركة».
ويقول مسؤولون نفطيون سعوديون إن قضايا التقييم والحوكمة سيتم وضعها في النهاية، لأن ولي العهد ووالده يعتبران الاكتتاب العام محور إعادة هيكلة الاقتصاد، مع الحاجة لمزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وقال «الحسيني»: «لا يوجد أي تراجع. لأن الالتزام حاضر لدى قيادة مركزية، يقودها أشخاص مخولين باتخاذ القرارات. وليس الأمر طريقا ضيقا متعرجا لا يصل إلى نتيجة».

المصدر | نيويورك تايمز