توترات البحر الأحمر تدفع شركات الشحن للبحث عن بدائل.. ما دور دول الخليج؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 421
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تعمل بعض شركات الشحن الدولية، على تجاوز البحر الأحمر والشحن براً عبر شبه الجزيرة العربية، بسبب هجمات المتمردين الحوثيين في اليمن.

ووفق تقرير لموقع "المونيتور"، تقوم شركة البرمجيات الإسرائيلية الناشئة "ترك نت إنتربرايز"، بإرسال البضائع من الموانئ في الإمارات والبحرين برا عبر السعودية والأردن، إلى إسرائيل، ثم إلى أوروبا.

فيما ذكرت وكالة "بلومبرج"، أنه تم إرسال بضائع من الهند والصين ودول آسيوية أخرى على طول هذا الطريق في الأسابيع الأخيرة.

وتستكشف شركات أخرى بدائل للبحر الأحمر.

وذكرت وكالة "رويترز"، في ديسمبر/كانون الأول، أن شركة "إلكترولوكس" السويدية المصنعة للأجهزة المنزلية شكلت فريق عمل لدراسة الطرق البديلة، في حين قالت شركة الأغذية الفرنسية "دانون" إنها ستستكشف طرقًا بحرية وبرية مختلفة إذا استمر الوضع في البحر الأحمر.

وارتفعت حركة الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح جنوب القارة الأفريقية بنسبة 67% خلال يناير/كانون الثاني الماضي، مقارنة مع ديسمبر/كانون الأول السابق له.

ورأس الرجاء الصالح هو ممر بحري يربط بين آسيا وأفريقيا عبر الدوران حول القارة السمراء في مسار يربط بين المحيطين الهندي والأطلسي.

ووجدت سفن الشحن في رأس الرجاء الصالح بديلا عن البحر الأحمر ومضيق باب المندب اللذين بدأت حركة الملاحة فيهما تتعثر بسبب تهديد جماعة الحوثي اليمنية باستهداف السفن الإسرائيلية أو التي تحمل بضائع لإسرائيل نصرة لقطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي مدمر منذ نحو 4 أشهر وتسبب باستشهاد أكثر من 27 ألف فلسطيني وجرح أكثر 66 ألفا آخرين معظمهم من الأطفال والنساء.

ومع تدخل واشنطن ولندن ودول أخرى شكلت مجتمعة تحالفا لمنع هجمات الحوثي في مضيق باب المندب، أعلنت جماعة الحوثي أنها باتت تعتبر كافة السفن الأمريكية والبريطانية ضمن أهدافها العسكرية، ما فاقم الأزمة.

وبوتيرة متقطعة منذ 12 يناير/كانون الثاني الماضي، يشن تحالف تقوده الولايات المتحدة غارات يقول إنها تستهدف مواقع للحوثيين في مناطق مختلفة من اليمن، ردا على هجماتها في البحر الأحمر، وهو ما قوبل برد من الجماعة من حين لآخر.

وأمام هذه التطورات، بدأت تظهر بدائل طريق التجارة الأبرز من الشرق إلى الغرب أو العكس، المتمثلة بمضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر وصولا إلى قناة السويس، ومنها إلى البحر المتوسط ثم إلى أوروبا أو السواحل الشرقية الأمريكية.

وفي وقت لم يرد المتحدثون باسم "إلكترولوكس" و"دانون" على الفور على طلب للحصول على مزيد من التفاصيل، قال الرئيس التنفيذي لشركة "ترك نت" هانان فريدمان، إنها بدأت بإرسال البضائع بما في ذلك المواد الغذائية والبلاستيكيات والسلع الكيميائية والكهربائية من الموانئ في الإمارات والبحرين، مروراً بالسعودية والأردن، باتجاه إسرائيل ثم أوروبا.

فيما تتطلع "هاباغ لويد"، وهي خامس أكبر شركة نقل حاويات في العالم، إلى ربط جبل علي في دبي وميناءين في شرق السعودية بجدة على الساحل الغربي، ومن بين خياراتها الأخرى ربط جبل علي بالأردن.

وتوفر هذه الطرق حلاً فورياً للشحنات التي تحاول تجنب المنطقة المليئة بالتوترات، التي يسيطر عليها جماعة الحوثي حول مضيق باب المندب في جنوب البحر الأحمر، بعدما تسببت هجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار التي استمرت عدة أشهر في إجبار العديد من السفن التجارية على التحول إلى طريق أطول حول أفريقيا.

وأدى ذلك بالتبعية إلى تعطيل التدفقات التجارية الحيوية، وزيادة تكاليف الشحن، مع امتداد التأثيرات السلبية إلى أوردة الاقتصاد العالمي.

ولم يجر تجربة المسار الذي تقترحه شركة "ترك نت" من قبل على نطاق تجاري بسبب العلاقات المتوترة بين إسرائيل والدول العربية.

ورغم أن اتفاق السلام بين الإمارات والبحرين وإسرائيل قبل 3 سنوات خفف من حدة العلاقات بينهما، فإن محاولات تطبيع العلاقات بين السعودية وتل أبيب تعثرت بعد اندلاع الحرب في غزة.

وأوضح فريدمان أن البضائع من الهند وتايلاند وكوريا الجنوبية والصين كانت تُرسل بالشاحنات في الأسابيع الأخيرة.

فيما تتحرك السلع المتجهة إلى آسيا بالاتجاه المعاكس، مما يساعد على خفض التكاليف الإجمالية.

ومع ذلك، فإن جدوى هذا الطريق على المدى الطويل ستعتمد على الاستقرار في المنطقة.

كما أن الكميات التي يمكن أن تحملها الشاحنات أصغر بكثير من تلك التي تنقلها السفن، وفق فريدمان الذي قال إن الطريق البري المقترح ما يزال يوفر بديلاً مقبولاً لشحن بعض السلع.

وتستخدم "ترك نت" هذا المسار بالتعاون مع عدة شركات من بينها "بيور ترانس" ومقرها دبي، و"كوكس لوجيستيكس" في البحرين، و"دبليو دبليو سي إس" في مصر، وفقاً لموقعها الإلكتروني.

وبدأت الشركة في اختبار المسار الجديد من منطقة الخليج إلى إسرائيل في وقت سابق من هذا العام.

لذا، عندما بدأ الحوثيون بتهديد السفن في البحر الأحمر بعد حرب إسرائيل مع حماس، كانت "ترك نت" مستعدة للمضي قدماً في خطتها.

وقال فريدمان: "قمنا ببعض الرحلات التجريبية في نوفمبر/تشرين الثاني.. والشحنات الأولى لنا مرت عبر هذا المسار في ديسمبر/كانون الأول الماضي".

لكنه رفض تحديد عدد الشاحنات التي قطعت هذا الطريق أو كمية البضائع التي نُقلت خلاله.

وتوفر الشركة منصة رقمية لمطابقة الشحنات مع المساحة الفارغة على الشاحنات، إضافة إلى إمكانية متابعة التوصيل في الوقت الفعلي للمسار بأكمله.

واستطرد: "علينا فقط أن نطابق الشحنات المتجهة إلى أوروبا مع نظيرتها المتجهة إلى آسيا".

قد يكون المسار الجديد أيضاً بمثابة تجربة أولية للممر الاقتصادي الأكبر بكثير بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

لكن توقف تقدم هذا المشروع الذي تدعمه الولايات المتحدة وأعلن عنه في قمة مجموعة العشرين في الهند العام الماضي، منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.

مع ذلك، ما تزال هناك العديد من العقبات، حيث حاولت حكومة الولايات المتحدة وآخرون منذ فترة طويلة تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كوسيلة للتفوق على القوى المنافسة، لكن الحرب الحالية وتداعياتها فاقمت صعوبة التغلب على العقبات الدبلوماسية التي تعترض أي تعاون تجاري مشابه.

وكتب محللو "ستاندرد آند بورز غلوبال" في مذكرتهم البحثية: "قد تتردد دول الخليج في الترويج لهذا الممر البري، لأن الحوثيين لم يهددوا بعد الأصول البحرية الإماراتية أو السعودية، كما أن الطريق البري عبر السعودية والأردن قد يزيد مخاطر الهجمات عبر الحدود على البضائع من قبل المسلحين المتحالفين مع إيران والمتمركزين في سوريا أو العراق".

من جانبه، أقر المتحدث باسم شركة "هاباغ لويد" نيلز هاوبت، بأن مساراتها البديلة المخططة هي حل قصير المدى لشركات الشحن التي تنقل كمية محدودة من البضائع "وليس آلاف الحاويات".

وأضاف أن الممر البري ليس سريعاً ولا سهلاً، لكنه قد يساعد في تعزيز تدفق التجارة عبر موانئ أخرى في المنطقة مثل جدة المعزولة فعلياً عن روابطها المعتادة بالاقتصاد العالمي.

ووفقاً لبحث أجرته مؤسسة "إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس"، نُشر هذا الأسبوع، تستغرق الرحلة من ميناء جبل علي إلى حيفا (البوابة التجارية الأولى لإسرائيل) ما يصل إلى 4 أيام، مقارنة برحلة مدتها 10 أيام أو أكثر حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، مما يزيد من جاذبية هذا المسار.

ويقول رئيس مجموعة أبحاث سلاسل الشحن والتوريد في المؤسسة كريس روجرز: "رغم أن الممر البري ينقل كميات لا يستهان بها من البضائع، فإنه سيظل حلاً مقصوراً على عدد محدود من الشحنات، لا سيما تلك المتجهة إلى إسرائيل".

أحد الطرق البديلة الأخرى، هو الشحن البري على طول خط السكك الحديدية السريع بين الصين وأوروبا (سي آر إيه)، وهي طريق تجارية برية قوامها خط سكك حديد يمتد من الصين مرورا بدول وسط آسيا، وصولا إلى أوروبا.

إلا أن السلع المتجهة من آسيا إلى الأسواق الشرقية الأمريكية، قد تتخذ هذه الطريق البرية وصولا إلى أوروبا الغربية، ومن هناك تنتقل عبر السفن عابرة المحيط الأطلسي إلى وجهتها النهائية.

بالتالي، فإن شركات الشحن التي تحتاج إلى الوصول إلى الأسواق في أوروبا والولايات المتحدة، ستجد في الطريق البرية التي توفرها شركة (سي آر إيه) خيارا قابلا للتطبيق.

وهنا يمكن أن تسافر البضائع عن طريق السكك الحديدية المباشرة من مراكز الإنتاج المختلفة في الصين، إلى مدن متعددة في أوروبا.

ويتراوح متوسط أوقات السفر بين 12 و20 يوما من آسيا لأوروبا حسب نقاط الوجهة النهائية، مقارنة مع قرابة أسبوعين من آسيا إلى أقصى غرب أوروبا عبر البحر الأحمر.

وتقول مؤسسة التخليص الجمركي الأمريكية، إنه منذ بدء الصراع في البحر الأحمر، زادت حركة التجارة على طول خطوط السكك الحديدية (سي آر إيه) نحو 30%.

طريق آخر للتجارة يمكن أن يسير من المحيط الهندي إلى مضيق هرمز، وصولا إلى موانئ مدينة البصرة (جنوبي العراق)، ومنها تكمل رحلاتها برا وصولا إلى تركيا ومنها إلى أوروبا.

ومن تركيا تتجه السلع برا كذلك إما لمنطقة البحر الأسود للسلع المتجهة إلى شرق أوروبا، أو إلى البحر المتوسط أو تكمل طريقها برا عبر خط سكك حديدية باكو – تبليسي – قارص (بطول 838 كيلومترا، 76 كيلومترا منها تمر عبر تركيا، و295 في جورجيا، و503 في أذربيجان).

ودخل الخط حيز الخدمة في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2017، بالتعاون بين كل من تركيا وأذربيجان وجورجيا، ليكون أحد أهم خطوط النقل في خط الحرير الممتد من الصين إلى أوروبا.

 

المصدر | الخليج الجديد