لماذا نجزم بأنّ نِتنياهو يعيش حالةً من الهذيان بمُواصلة استِجداءاته للتّطبيع مع السعوديّة؟ وما هو السِّر المُهم الذي كشَفه السيّد نصر الله في خطابه الأخير حول هذا المِلف؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 560
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

يعيش بنيامين نِتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتِلال حالةً من الاكتِئاب بعد فشله في تحقيق آماله في تطبيع العلاقات مع المملكة العربيّة السعوديّة، وحالة “الفُتور” التي تمر بها علاقاته مع عرب “سلام أبراهام” بعد تعاظم عمليّات المُقاومة في الأراضي الفِلسطينيّة المُحتلّة، وانهِيال عشرات الصواريخ على المُستوطنات الإسرائيليّة من الشّمال اللبناني والجنوب الفِلسطيني، ومن الأراضي السوريّة في تزامنٍ غير مسبوق في الأيّام العشرة الماضية.

نِتنياهو الذي كان يأمَل بأن تكون زيارته الأولى إلى أبوظبي عاصمة دولة الإمارات بعد حُصول حُكومته على ثقة الكنيست، وجد نفسه “منبوذًا” عربيًّا أوّلًا، ودوليًّا، وحتّى من أقرب حُلفائه الأمريكيين ثانيًا، وباتَ يعيش حالة الهذيان، وهو الذي كان زعيم المُتغطرسين.

فأثناء لقاءه مع السّناتور الجُمهوري ليندسي غراهام اليوم الثلاثاء الزّائر لتل أبيب، والقادم من الرياض، كرّر “أُمنياته” في تطبيع العلاقات مع المملكة العربيّة السعوديّة وقال “نُريد هذا السّلام مع المملكة لأنّه خطوة كبيرة نحو إنهاء الصّراع العربي الإسرائيلي”.

السّيناتور غراهام أحد أبرز أعضاء مجلس الشيوخ دعمًا للإرهاب والعُنصريّة الإسرائيليين في الحزب الجُمهوري، وكان من أكثر زُملائه قُربًا للرئيس السّابق دونالد ترامب، زار السعوديّة من أجل التوسّط لتحقيق هدفين: الأوّل هو مُحاولة إعادة العلاقات المُتدهورة بين القيادة السعوديّة والرئيس الأمريكي جو بايدن وحُكومته، والثاني إغراؤها، أيّ السعوديّة، بتطبيع العلاقات مع دولة الاحتِلال مُقابل الحُصول على صفقاتِ أسلحةٍ أمريكيّة حديثة.

نتنياهو المُحاصَر داخليًّا وخارجيًّا لا يُدرك أن كيانه يعيش حاليًّا أضعف حالاته، وأنّه مِثل الكلب الذي ينبح ولا يعض، حسب وصف الجِنرال الإسرائيلي المُتقاعد يتسحاق بريك، ولم يعد يجرؤ على اقتِحام قِطاع غزّة، أو الرّد على الصّواريخ التي انطلقت من جنوب لبنان، وباتت طائراته تقصف حُقول الموز والليمون وتقول إنها بُنى تحتيّة في الجانبين في ظِل وحدتيّ السّاحات والجبَهات وتعدّدها.

المملكة العربيّة السعوديّة التي تستقبل اليوم وفدًا قياديًّا في حركة “حماس”، وتنضم إلى المحور الصيني الروسي، وتُدير ظهرها لأمريكا كُلّيًّا، لم تُطبّع العلاقات مع دولة الاحتِلال في ظِل حُكم دونالد ترامب وتابعه جاريد كوشنر، الذي كان الأكثر إسرائيليّةً من الإسرائيليين أنفسهم، وقاومت كُلّ ضُغوطه، بمُراوغاتٍ مدروسة، فهل تُطبّع الآن في وقتٍ تتكبّد فيه إدارة بايدن هزائم ضخمة في أوكرانيا، وقريبًا في تايوان، ويفشل سِلاحُ عُقوباتها القويّ في روسيا وايران وسورية، ويتراجع نُفوذها كُلّيًّا في مِنطقة الشّرق الأوسط لمصلحة الاكتِساح الصيني وعبر بوّابتها (أيّ السعوديّة)؟

السيّد حسن نصر الله أمين عام “حزب الله” اللبناني قال عبارةً خطيرةً جدًّا في خِطابه الأخير بمُناسبة يوم القدس تُؤكّد ما نقوله آنفًا، وهي أن دول “سلام أبراهام” لم تُطبّع العلاقات مع دولة الاحتِلال لقناعةٍ من حُكوماتها، إنّما مُجبَرةً، ورُضوخًا لضُغوطٍ ضخمةٍ من إدارة الرئيس ترامب عليها، ونسب السيّد نصر الله هذه المعلومة إلى مصادر خليجيّة عالية المُستوى نقلتها لمحور المُقاومة، ونعتقد أن إيران تحديدًا التي تمر علاقاتها بالسعوديّة والإمارات بشهر عسل غير مسبوق، وهي مصدر هذه المعلومة التي ستُغيّر الكثير من المفاهيم في المِنطقة، وتُنْبئ بانهِيارٍ قريب لهذه الاتّفاقات وربّما ما سبقتها أيضًا.

نِتنياهو كاذبٌ مُحترف، وبات يعيش حالةً من الهيستيريا اسمها التّطبيع مع المملكة العربيّة السعوديّة، وعرب آخرين، وأصبح مُنفصلًا كُلّيًّا عن الواقع ومُتغيّراته في المِنطقة، وأبرز عناوينه الأزمات التي تعيشها الدّول المُطبّعة، قديمها أو جديدها، من أزماتٍ وتفكّكٍ وانهيارٍ اقتصاديّ، وحُروبٍ أهليّة، ولعلّ ما يحدث حاليًّا في السودان هو أحد أبرز الأمثلة والعِبَر.

أخيرًا نسأل نِتنياهو الذي يقول اليوم بأنّ التطبيع مع المملكة العربيّة السعوديّة سيكون خطوة كبيرة نحو إنهاء الصّراع العربي الإسرائيلي، هل أدّت اتّفاقات “سلام أبراهام” إلى وقف انتِهاكات المسجد الأقصى، وعمليّات الاغتِيال للأطفال الفِلسطينيين، وبناء المُستوطنات، ناهِيك عن إنهاء الصّراع؟ وهل أدّت اتّفاقات أوسلو إلى استعادة شبر واحد من الأراضي المُحتلّة؟ رُغم تنازلاتها المُهينة، وهل أوضاع مِصر والأردن أفضل بعد أن وقّعت الأولى اتّفاقات كامب ديفيد والثانية مُعاهدة واي عربة؟

السعوديّة التي أرسلت اليوم وزير خارجيّتها إلى دِمشق للِقاء الرئيس السوري، حاملًا رسالةً بدعوته لزيارة المملكة بعد عيد الفطر، وتستعدّ لتبادل فتح السّفارات مع إيران، آخِر همّها نِتنياهو والتّطبيع مع حُكومته الفاشيّة، أو الالتِفات إلى توسّلاته، ووسطاء أمريكا المُتصهينين وعلى رأسهم السّناتور غراهام أبرز قارعي طُبول الحرب ضدّ أفغانستان والعِراق وسورية وليبيا.

 

“رأي اليوم”