«المونيتور»: حصار قطر وفاة لمجلس التعاون.. وواشنطن أكبر الخاسرين

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 786
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 بعد مرور عام على بدء حصار قطر بقيادة السعودية، يمكن إعلان وفاة مجلس التعاون الخليجي الذي أنشأه العاهل السعودي الراحل الملك «خالد» في مايو/أيار عام 1981 أثناء الحرب بين إيران والعراق؛ لتوفير القوة من خلال توحيد ممالك الخليج.
وكانت الولايات المتحدة راعية المجلس من البداية، لكن مجلس التعاون الخليجي لم يكن أبدا اتحادا قويا على الرغم من كونه وسيلة مفيدة لتنسيق السياسة وتعزيز نفوذ المملكة العربية السعودية والملكيات الخمسة الأخرى.
ثم جاء القرار الذي أعلنت عنه السعودية والبحرين والإمارات ومصر، في 5 يونيو/حزيران عام 2017، بقطع العلاقات مع قطر وفرض حظر تجاري على الإمارة بعد زيارة الرئيس «دونالد ترامب» للرياض العام الماضي في أول زيارة خارجية له كرئيس. ولا يزال من غير الواضح إلى اليوم ما قاله السعوديون للأمريكيين حول خطة الهجوم على قطر حيث كان الارتباك السمة المميزة للاستجابة الأمريكية للحصار ولا يزال.

الرسالة المريبة
رتب السعوديون الأمر في الداخل ليبدو موحدا. ففي 28 مايو/أيار عام 2017، نشر 200 من أتباع الشيخ «محمد بن عبدالوهاب»، مؤسس «الوهابية»، رسالة مفتوحة في صحيفة «عكاظ» السعودية موجهة إلى أمير دولة خليجية لم يذكر اسمه اتهموه فيها بعدم اتباع الطريق «الوهابي» وطريق الحق، والانحراف عن السلوك القويم، وطالبوا بتغيير اسم المسجد الرئيسي في الإمارة من اسمه الحالي، «مسجد محمد بن عبدالوهاب». ولا توجد سوى دولة خليجية واحدة فقط لديها مثل هذا المسجد، وهي قطر، الدولة الوهابية الأخرى الوحيدة في العالم.
وكانت هذه في الواقع محاولة لتجريد الأمير «تميم بن حمد آل ثاني» من شرعيته الدينية ومن الصعب دائما حل مسألة الإيمان والدين إذا ما اشتبكت مع النزاع السياسي. فالسياسة مرنة، لكن الدين راسخ وعقدي وثابت.
وفي ربيع هذا العام، أصبح واحدا من أحفاد «عبدالوهاب»، وهو «عبداللطيف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل الشيخ»، وزيرا للشؤون الإسلامية السعودية.
وتحدد الوزارة محتوى الخطب والمواعظ في مساجد المملكة، وهو موقع حاسم في المؤسسة الدينية الوهابية، ويعد «عبداللطيف» حليفا لولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان».
ويعتبر ولي العهد هو مهندس حصار قطر، ومن المحتمل أن يكون المحرك الرئيسي وراء تلك الرسالة. وتعود الخلافات السياسية بين السعوديين والقطريين إلى عقود من الزمن.
ولطالما استاءت الرياض من تصميم الدوحة على امتلاك سياسة خارجية مستقلة، وميلها إلى التمسك بمراكز قوى في مواجهة السعودية. وسبق وأن سحبت السعودية ودول خليجية أخرى سفراءهم من الدوحة سابقا، ولكن ذلك لم يؤثر حينها على مجلس التعاون الخليجي، من حيث القيام بأعماله وعقد الاجتماعات رفيعة المستوى.

توترات متأصلة
وتعد التوترات متأصلة في المجلس نظرا لتفاوت القوة بين الأعضاء. وتعد السعودية العضو الأكبر حجما وقوة وتأثيرا. وكان السعوديون يتصورون دائما أن المجلس أشبه بحلف «وارسو» أكثر من حلف «الناتو»؛ أي أنه تحالف تديره عاصمة واحدة بدلا من مجموعة من القوى المتساوية.
وعرفت دول الخليج الصغيرة ذلك، وقاومت الخطوات الأكبر للتوحد العسكري أو العملة الموحدة، لأنها كانت تخشى أن تصبح الهيمنة السعودية حتمية. وأن يصبح دور الدول الأصغر هو التعاون والتشاور وليس التكامل.
وانحرف «بن سلمان» عن الطريقة القديمة لفعل الأشياء، وكان جزء من انحرافه حول مجلس التعاون الخليجي.
وبدلا من الوحدة، توجد الآن مجموعة متنوعة من المعسكرات في الأنظمة الملكية حيث يوجد المعسكر السعودي الإماراتي، الذي يدفع بقوة باتجاه معاقبة منافسيه السياسيين والاقتصاديين في قطر.
وتعد أبوظبي ناقدا قويا لقناة الجزيرة الإخبارية، التي مقرها في الدوحة، وتظهر البحرين كعضو متحمس ضد الدوحة أيضا لأن لديها نزاعات حدودية منذ فترة طويلة مع قطر، وبعضها يجري إعادة فتحه الآن، وهي دولة ذات أغلبية شيعية لكن أسرتها الحاكمة تنتمي إلى الأقلية السنية. وتعتمد البحرين على القوات العسكرية السعودية، التي دخلت البلاد في ربيع عام 2011، من أجل استقرارها.
وتعد الكويت عضوا مختلفا في هذه الكتلة. ولم تقطع الكويت العلاقات مع قطر العام الماضي، وحاولت التوسط في النزاع بهدوء، وفي بعض الأحيان بدعم من الولايات المتحدة. لكن الكويت تعتمد بشكل كبير على السعودية، وخاصة منذ الغزو العراقي عام 1990.
وهي تتبع القيادة السعودية في كل القضايا تقريبا، نظرا لمخاوفها العميقة من الطمع العراقي والتدخل الإيراني للتأثير على سكانها الشيعة الكثر.
واتبع الكويتيون السعوديين في التزامهم بتقديم حزمة مساعدات اقتصادية لمدة 5 أعوام للأردن في قمة مكة الأخيرة التي دعا إليها الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود» لتعزيز موقف العاهل العربي الآخر في الشرق الأوسط.
وتقف قطر بمفردها، لكن بما أنها تستضيف أكبر وأهم قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، وكون مقر القيادة المركزية في قطر له علاقة فريدة مع واشنطن، فإنها تستخدم الضغط الناتج عن مصالحها مع الولايات المتحدة بقوة كبيرة.
وأنتج الحصار ردة فعل مثيرة للاهتمام في تلك البلد الصغيرة. وبكل المقاييس، احتشد المواطنون القطريون (أقلية من سكان قطر، وأغلبية من العمال الأجانب) وراء الأمير، وبرزت القومية القطرية بشكل أكثر حيوية من ذي قبل.
وتقف عمان بمعزل عن مشاجرات زميلاتها. ولطالما كان السلطان «قابوس» شخصية بعيدة عن الصورة، ونادرا ما يحضر مؤتمرات مجلس التعاون، وتتطلع سلطنته إلى جنوب آسيا بقدر ما تتطلع إلى الشرق الأوسط.
ورفضت مسقط الانضمام إلى الحرب التي قادتها السعودية في اليمن قبل 3 أعوام، عندما انضمت بقية دول المجلس إلى التحالف السعودي ضد الحوثيين.
وتحافظ عُمان على علاقات سليمة مع إيران، وساعدت قطر على تجاوز آثار الحصار.

انقسام غير مسبوق
لذا، يعد مجلس التعاون الخليجي اليوم منقسما كما لم يكن من قبل. وفشلت إدارة «ترامب» في التحدث بصوت واحد واضح، والأهم من ذلك، أن صوتها قد تم تجاهله. وحاول اثنان من وزراء الولايات المتحدة شفاء ذلك الانقسام، لكن دون جدوى، ومثل ذلك عرضا استثنائيا للضعف والعجز الأمريكيين.
ويعني هذا أيضا أن الجبهة الإسلامية الموحدة ضد إيران، التي رحب بها «ترامب» العام الماضي في الرياض، تتحطم على صخرة الخلاف في الخليج العربي.
ومع الانتهاك الأمريكي لخطة العمل الشاملة المشتركة، وعزل الولايات المتحدة عن مجموعة 5 زائد 1 حول الاتفاق النووي، فإن الوحدة اللازمة لكبح إيران قد أصبحت منقسمة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
ولا تزال أمانة مجلس التعاون الخليجي موجودة في الرياض. ولا تعد الحروب الباردة بين الدول العربية دائمة للأبد، لكن التحالفات مبنية على الثقة.
ونجا حلف «الناتو» من حرب «جورج دبليو بوش» الغبية في العراق، بسبب الثقة الكامنة في أمريكا. لكن الآن، لم يعد هناك ثقة أساسية في أمريكا، وكان مجلس التعاون الخليجي حليفا مهما للولايات المتحدة، وقد خسرته الآن بغباء.

المصدر | بروس ريدل - المونيتور