أحكام إعدام غير قانونية لمحتجين سلميين

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 4341
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في عام 2011 ، وعلى أثر التغييرات السياسية التي حدثت في الدول العربية والتي سميت بـ (الربيع العربي) والتي وصل تأثيرها لجميع البلدان العربية ، فقد قرر المواطنون الشيعة في شبه الجزيرة العربية تنظيم احتجاجات سلمية طالبوا بها بحقوق مشروعة حرمتهم منها الحكومة السعودية ، وكان أبرزها رفض سياسة التمييز الطائفي الممنهج التي مارستها ضدهم الحكومة السعودية ، وكذلك إطلاق سراح معتقلين مشتبه بهم معارضين سياسياً للنظام وبالخصوص (المعتقلين المنسيين) الذي اعتقلوا عام 1996 بتهمة تنفيذ هجوم ضد مقر القوات الجوية الأمريكية في مدينة الخبر.
أخفقت الحكومة السعودية في الاستجابة لمطالب المحتجين ، فقامت بدل ذلك بقمع تلك الاحتجاجات بصورة شرسة من خلال توريط القوات الأمنية في القمع بإطلاق الرصاص الحي وبصورة مباشرة على المحتجين ، كان نتيجتها سقوط العشرات من الشهداء والجرحى واعتقال المئات من الشباب ، وإتلاف الممتلكات العامة .
ومنذ ذلك العام ولحد الآن لم تتوقف الأجهزة الأمنية من مطاردة الشباب الذين اشتركوا في تلك الاحتجاجات ، وتقديم مزاعم وحجج واتهامات كاذبة بحقهم ، الأمر الذي أدى إلى تجرأ المحاكم السعودية بإصدار أحكام قاسية بحق من سقطوا في شباك النظام القضائي ، وصل بعض تلك الأحكام إلى الإعدام .
تم تنفيذ بعض الأحكام بحق عدد منهم ، وكان أشهرها أحكام الإعدام التي نفذت بحق الشهيد الشيخ نمر باقر النمر وثلاثة من الشباب الذين لم تتجاوز أعمار البعض منهم 18 سنة.
لم تتوقف المحاكم السعودية بإصدار أحكام الإعدام بحق المعتقلين الشيعة رغم الإدانات والاستنكارات والمناشدات من قبل العديد من اللجان والمنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية ، والشخصيات السياسية الدولية .
لم تستجب الحكومة السعودية لكل ما صدر ، وأصرت على الإيعاز الى محكمتها الجزائية المتخصصة السيئة الصيت بإصدار الأحكام رغماً عن الجميع.
لقد بان الاستخفاف بمعايير المحاكمة العادلة الأساسية في تلك الأحكام ، حيث شابها نقص كبير في ضمانات المحاكمة العادلة ، كما إنها فشلت في حماية حق المتهم الأساسي في عرضه أمام محكمة عادلة ، تجري وقائع جلساتها بصورة علنية ليتسنى للجمهور الاطلاع على سير إجراءات المحاكمة بصورة عادلة وفقاً لمعايير حقوق الإنسان الدولية .
هناك ثلاث معاهدات مهمة أصدرتها الأمم المتحدة ، تعتبر من الركائز الأساسية للحماية الدولية لحقوق الإنسان والتي تضمنت بعض موادها حماية حقوق المتهم في حالة عرضه أمام محكمة مدنية ، وهذه المعاهدات هي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالإضافة الى الضمانات التي تكفل حماية حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام والتي اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراره 1984/50 المؤرخ في 25 أيار/مايو 1984.
لقد ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بخصوص المحاكمة العادلة ما يلي :
المادة 10: (لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه).
المادة 11: (1. كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه) .
وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، نصت المادة 14 – 3 ما يلي: (لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية: ( (أ) أن يتم إعلامه سريعا وبالتفصيل ، وفى لغة يفهمها ، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها ، (ب) أن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه) .
وفي الضمانات التي تكفل حماية حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام ، نصت الضمانتين الرابعة والخامسة على ما يلي : (4. لا يجوز فرض عقوبة الإعدام إلا حينما يكون ذنب الشخص المتهم قائما على دليل واضح ومقنع لا يدع مجالا لأي تفسير بديل للوقائع.
5. لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام إلا بموجب حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة بعد إجراءات قانونية توفر كل الضمانات الممكنة لتأمين محاكمة عادلة، مماثلة على الأقل للضمانات الواردة في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك حق أي شخص مشتبه في ارتكابه جريمة يمكن أن تكون عقوبتها الإعدام أو متهم بارتكابها في الحصول على مساعدة قانونية كافية في كل مراحل المحاكمة) .

لقد أظهرت أحكام الإعدام السابقة واللاحقة للمحكمة الجزائية المتخصصة بأنها أحكام مسيسة ، لم تبغي منها الحكومة السعودية سوى إظهار بطشها وقوتها أمام المستضعفين من الأبرياء الذين أرادوا إزاحة ستار الظلم من على واجهة صفاء ونقاء المجتمع في المنطقة الشرقية في شبه الجزيرة العربية ، وإبداله بصفحة بيضاء ناصعة من العدالة والتسامح ، والتعايش السلمي والمذهبي بين ابناء الب
لد الواحد .
يضع مركز النور لحقوق الإنسان هذه الحقائق أمام المجتمع الدولي ، يعرفه بالوقائع الكاذبة التي أصدرتها المحكمة الجزائية المتخصصة بحق 14 شاباً من شيعة المنطقة الشرقية ، اعتقلوا بفترات متفاوتة بسبب اشتراكهم بمظاهرات سلمية طالبوا فيها بحقوق مشروعة كان لزاماً على الحكومة السعودية ان توفرها لهم ، ولكنهم اتهموا بتشكيل خلية إرهابية زوراً حيث لا ينتمي المتهمون لمجموعة محددة ، ولم تثبت الوقائع بأنهم إرهابيين ، لان التهم كيدية وبإمكان أي جهة حكومية مسؤولة ان تورد بحقهم تلك التهم طالما كان عملها بدون رقيب .
على الجميع وبالخصوص المنظمات الحقوقية الدولية ، ان ينظر بعين منصفة لمحنة هؤلاء الشباب الذين صدرت بحقهم عقوبة الإعدام في 2 يونيو/حزيران 2016 ، ويكون في علم الجميع بان الحكومة السعودية ذات سوابق تفتقد في كثير من الأحيان الى المبادئ الأخلاقية في التعامل مع المعارضين لسياستها التمييزية .
أدناه الأحكام الصادرة من المحكمة الجزائية المختصة والتي تضمنت أحكام بالإعدام بحق 14 شاب , واحكام بالسجن والمنع من السفر بحق 9 آخرين .
الشباب الـ 14 من بلدة العوامية التابعة لمحافظة القطيف ، الذين صدرت بحقهم أحكام الإعدام : (حسين حسن ال ربيع ، أحمد حسن آل ربيع ، عبد الله هاني ال طريف ، حسين محمد ال مسلم ، محمد منصور آل ناصر ، مصطفى أحمد درويش ، فاضل حسن لباد ، سعيد محمد السكافي ، سلمان أمين آل قريش ، مجتبى نادر السويكت ، منير عبد الله آل ادم ، عبد الله سلمان آل سريح ، أحمد فيصل آل درويش ، عبد العزيز حسن آل سهوي) .
الشباب الذين أصدرت المحكمة الجزائية المختصة ضدهم أحكام بالسجن والمنع من السفر :
(حسن عبد الوهاب آل جزير ٧ سنوات سجن ومثلها منع من السفر ؛ محمد خليل الشقاق : ٦ سنوات سجن و ومثلها منع من السفر ؛ حسين عبد رب الأمير الحداد : ١١ سنة سجن ومثلها منع من السفر ؛ حسن عباس العلوي : ٣ سنوات سجن ومثلها منع من السفر ، حسين علي المحسن : ١٠ سنوات سجن ومثلها منع من السفر ؛ ناصر علي المشقاب : ٣ سنوات سجن و٥ سنوات منع من السفر ؛ حسن علي المبيريك : ١٤ سنة سجن ومثلها منع من السفر ؛ محمد كاظم الشاخوري : ١٥ سنة سجن و مثلها منع من السفر ؛ محمد وهب آل طريف : ٣ سنوات سجن ومنع من السفر ٥ سنوات ، والجلد ٨٠ جلدة) .
جردت المحكمة الجزائية المختصة المسيسة قراراتها من العدالة ، وأرفقت قرار المحكمة بعبارات ما كان لها ان تضمنها بأحكام تعسفية قاسية لشباب لم يقولوا سوى الحق ، ولم يرفعوا يافطات تشير الى الإرهاب ، الا ان ما أرادت ان تقوله الحكومة السعودية للآخرين ، قالته محكمتها الغير عادلة نيابة عنها ، بأنها لن تسمح ابداً بحرية التعبير.

مركز النور لحقوق الإنسان
لجنة الدفاع عن حقوق الانسان في الجزيرة العربية
5 يونيو/حزيران 2016