السياسة الخارجية السعودية المتشددة تثير غضبا دوليا

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1037
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الرياض – (أ ف ب) – يرى محللون ان الانفتاح الدبلوماسي الذي تنتهجه السعودية منذ فترة قد يتأثر سلبا بالأزمة الأخيرة مع كندا على خلفية ملف حقوق الانسان في المملكة والغارة الدامية على اليمن التي تسببت بمقتل 29 طفلا، وقد يعرضها لمزيد من الضغوط.

فقد أدت غارة للتحالف الذي تقوده السعودية الخميس في شمال اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون الى سقوط عشرات القتلى والجرحى من ضمنهم أطفال وفق هيئات الإغاثة، وهو ما دفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي معا الى المطالبة بفتح تحقيق في الحادثة.

وأصر التحالف على ان مسلحين حوثيين كانوا على متن الحافلة، لكن صورا للصحافة العالمية أظهرت عددا كبيرا من الأطفال في حالة صدمة وتغطيهم الدماء وهم ينقلون الى المستشفيات التي تجهد للتأقلم مع ظروف حرب مستمرة منذ ثلاث سنوات خلفت ما وصفته الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة انسانية.

وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن سيغورد نيوباور لفرانس برس “الحرب تصبح على نحو متزايد غير شعبية لدى المجتمع لدولي، بما في ذلك الكونغرس الأميركي”.

وأضاف “هذا الهجوم للأسف بات الشأن المعتاد وليس الاستثناء”.

واتُهم التحالف بشكل متكرر باستهداف المدنيين في اليمن منذ بدء تدخله العسكري عام 2015 دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بعد إخراجها من صنعاء على يد الحوثيين الذين تدعمهم إيران.

ووصف التحالف غارة الثلاثاء بأنها “عمل عسكري مشروع” ردا على اطلاق الحوثيين صاروخا على منطقة جيزان جنوب السعودية قبل يوم ما أدى الى مقتل يمني.

لكن هذا لم يوقف سيل الإدانات الدولية. فقد كتب مدير اليونيسف الأقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تويتر “لا أعذار بعد الآن”.

وأضاف “هل يحتاج العالم حقا الى المزيد من أرواح الأطفال الأبرياء لوقف الحرب الوحشية على الأطفال في اليمن”.

أما يان إيغلاند رئيس المجلس النروجي للاجئين فكتب على تويتر “هذا منفّر ومعيب ومثير للسخط. انه تجاهل صارخ لقواعد الحرب عندما تصبح حافلة تحمل تلامذة أطفال هدفا للهجوم”.

-“إغلاق باب النقد”

وتأتي الغارة التي هي جزء من تدخل عسكري يعكس السياسة الخارجية الحازمة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد اندلاع الأزمة الدبلوماسية مع كندا في وقت سابق هذه الأسبوع.

فقد استدعت المملكة سفيرها لدى كندا وطردت السفير الكندي وجمدت كل التعاملات التجارية مع أوتاوا بعد مطالبة كندا للسعودية علنا ب”الإفراج الفوري” عن نشطاء في حقوق الإنسان سجنتهم المملكة.

كما عمدت الرياض الغاضبة الى سحب آلاف الطلاب السعوديين من الجامعات الكندية وتعليق الرحلات الجوية الى تورنتو ووقف كل برامج الاستشفاء مع كندا.

ويعتقد خبراء ان رد الفعل السعودي قد يمس بجهود المملكة لجذب استثمارت أجنبية تحتاجها بشدة لتمويل خطتها الاصلاحية الطموحة بعدم الاعتماد كليا على النفط في اقتصادها.

وتبيّن هذه الخطوة كيف ان المملكة الغنية بالنفط غير مستعدة لتحمّل أي انتقاد سواء كام داخليا ام خارجيا في ظل ولي العهد الشاب.

وقالت مجموعة يوراسيا للاستشارات ان “القيادة العليا غير مهتمة على وجه الخصوص بتأثير كندا العالمي”.

وأضافت “بدلا من ذلك هي مهتمة بإغلاق الباب امام أي نقد أوسع في المستقبل، وايضا من جانب دول أوروبية وعلى قضايا أخرى”.

لكن رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو رفض التراجع وأكد ان بلاده سوف تستمر بتناول قضايا حقوق الانسان.

وشدد مسؤولون سعوديون في تصريحات خاصة على ان احترام الحساسيات الثقافية والاشتباك الدبلوماسي خلف أبواب مغلقة مقاربتان أكثر فعالية من الشجب العلني للمملكة.

-تنامي الإستياء –

وتقود كندا بهدوء استشارات مع المانيا والسويد، اللتين كانتا سابقا هدفا لرد فعل سعودي بعد تناولهما انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، من اجل المساعدة في حل الأزمة، وفق مصادر حكومية.

وتخطط كندا ايضا للتواصل مع الامارات ذات الثقل في المنطقة وبريطانيا التي لديها روابط تاريخية مع السعودية.

وأعربت كندا عن خيبة أملها من قوى غربية كبرى لعدم تلقيها دعما علنيا منها، ومن ضمنها الولايات المتحدة التي زوّدت التحالف الذي تقوده السعودية بأسلحة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

وقالت مجموعة يوراسيا “في غياب صوت الولايات المتحدة القوي (في ظل حكم الرئيس دونالد ترامب) حول حقوق الانسان والقيم الديموقراطية، أصبح الزعماء العرب أقل استعدادا لتحمّل نصيحة غربية سواء حول الإصلاح السياسي او الحكم”.

لكن التطورات هذا الأسبوع قد تجعل علاقة السعودية مع واشنطن أكثر تعقيدا.

بيري كاماك من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي قال إن “الرئيس ترامب جعل العلاقات مع السعودية جانبا مركزيا من مقاربته للشرق الأوسط، لكن الاستياء تجاه السعودية داخل الكونغرس آخذ بالتنامي”.

وأضاف “هناك احتمال حقيقي ان يتحرك الكونغرس بطريقة هادفة لتقييد تدخل الجيش الأميركي في الحرب اليمنية”.

كما أربكت الأزمة الدبلوماسية ايضا حلفاء كندا الأوروبيين.

وقال جيمس دورسي الأستاذ في جامعة اس. راجارتنام للدراسات الدولية في سنغافورة إن “عدم اصطفاف حلفاء كندا الغربيين معها في الخلاف مع السعودية يحمل مخاطر اغواء المملكة بشعور خاطىء بأن العقوبات الاقتصادية ستشكل درعا لها هذا إن لم توقف النقد الآخذ بالازدياد لسجلها في مجال حقوق الانسان وسلوكها في الحرب اليمنية”.