الواقعية الجديدة.. ما الذي تعنيه زيارة الملك «سلمان» إلى موسكو؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1952
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد
التقى الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين»، والملك السعودى «سلمان بن عبد العزيز» لإجراء محادثات فى الكرملين فى موسكو فى 5 أكتوبر/تشرين الأول.
وخلال القمة المشتركة بينهما، وقع الزعيمان اتفاقات يبدو أنها تبشر بعصر جديد من التعاون السعودي الروسي. ومع تحفظ المملكة العربية السعودية السابق في التعامل مع روسيا بسبب تعاون موسكو مع إيران في دعم نظام الرئيس «بشار الأسد» ضد المعارضين المدعومين من السعودية في سوريا، يدرك المعلقون الروس اليوم رغبة الملك «سلمان» في التعاون مع موسكو بوصفه علامة ودليلا على أن الرياض قبلت حقيقة أن «الأسد» هو المسيطر في سوريا وهو اعتراف بالأهمية المتزايدة لروسيا في الشرق الأوسط. غير أن استمرار الخلافات بين المملكة العربية السعودية وروسيا قد يعرقل تحقيق الأهداف الطموحة الواردة في مختلف مذكرات التفاهم بين البلدين والموقعة في موسكو.
ومن بين الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال القمة الاتفاق على شراء السعودية صواريخ الدفاع الجوي S-400 الروسية (إيران ليس لديها سوى نسخة S-300 القديمة)، ونقل التكنولوجيا الروسية للمملكة لإنتاج العديد من أنظمة الأسلحة الروسية، بما في ذلك صواريخ كورنيت الموجهة المضادة للدبابات و قاذفات صواريخ متقدمة مثل TOS-1A ، وقاذفات قنابل آلية من طراز AGS-30 وبنادق كلاشنيكوف وذخيرة. وفي المجال الاقتصادي، وافقت المملكة العربية السعودية على استثمار مليار دولار في مشاريع الطاقة الروسية بينما ستبني روسيا مصنعا للبتروكيماويات في المملكة بقيمة 1.1 مليار دولار. كما اتفقت موسكو والرياض على تمديد اتفاقية إنتاج النفط بين منظمة أوبك وبعض منتجي النفط من خارج المنظمة من مارس/أذار 2018 وحتى نهاية العام.
واللافت في هذه الاتفاقات الروسية السعودية هو أنها تأتي في الوقت الذي تقدمت موسكو وحلفاؤها في سوريا (نظام الأسد وحزب الله وإيران) بوضوح على منافسهيم المدعومين من السعودية. ومن وجهة النظر الروسية، فإن استعداد السعودية لعقد صفقات مع موسكو في ظل هذه الظروف يدل على «الواقعية» السعودية الجديدة ، وعدم رؤية أي خيار سوى العمل مع موسكو، وخصوصا أن تأثير الولايات المتحدة في الشرق الأوسط آخذ في الانخفاض. وجزء من هذه الواقعية الجديدة، وفقا لما ذكرته «إيرينا سوبونينا»، المراقبة الروسية منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط، هي أن الرياض الآن «تدرك أنها لا يمكن تبعد روسيا عن إيران».
ومع ذلك، وبينما قد يكون لدى الرياض أوهام حول ابعاد موسكو عن طهران، فإن التصريحات الروسية التي تدور حول أن موسكو الآن قوة صاعدة في الشرق الأوسط أدت إلى توقعات في المملكة العربية السعودية أن روسيا سوف تلعب في الواقع دور قوة عظمى من خلال الحفاظ على التوازن في المنطقة. وبحسب ما ورد عن الدبلوماسيين الروس، شجع هذا الاعتقاد نظراءهم في السعودية (والإسرائيليين) الذين يشعرون بالقلق إزاء الوجود الإيراني في سوريا، فأفضل حال هو تواجد القوات الروسية للحفاظ على الإيرانيين تحت النظر.
ولكن هل يمكن لروسيا أن تبقي إيران في حالة مراقبة؟ أثار الحادث الأخير شكوكا في هذا الأمر. وعلى الرغم من أن عملاق النفط الروسي «روسنيفت» وافق على استثمار 4 مليارات دولار في إقليم كردستان العراق، فإن التعاون الإيراني والتركى لعزل المنطقة بعد استفتائها الأخير على الاستقلال يهدد بوقف صادرات النفط، ومن ثم تعطيل استثمارات روسيا هناك. وبعبارة أخرى، قد يكون التعاون الإيراني التركي المتضافر قادرا على إحباط طموحات النفط الروسية في منطقة متنازع عليها. وإذا كانت روسيا سوف تلعب بهذا الشكل، فلن تعزز سمعتها كقوة عظمى قادرة على ممارسة تأثير حاسم.
على عكس العراق، فإن روسيا لديها قوات عسكرية في سوريا. ورغم ذلك فإن جهود موسكو لإنهاء النزاع السوري من خلال إنشاء مناطق آمنة يقوضها نظام الأسد (ربما بمساعدة إيرانية)،عندما يهاجم قوات المعارضة. هنا أيضا، روسيا تبدو غير راغبة أو غير قادرة على لعب دور قوة عظمى تعمل على الحفاظ على التوازن بين القوى المتعارضة.
وعلاوة على ذلك، وكما لاحظ العديد من المحللين، فإن الإعلان عن الاتفاق السعودي لشراء منظومة S-400 جاء قبل الإعلان مباشرة بأن واشنطن وافقت على عقد سعودي كبير لنظام ثاد للقذائف الموجهة. وبعبارة أخرى، ربما كانت زيارة الملك «سلمان» لموسكو تدور بشكل أقل حول زيادة التعاون السعودي مع روسيا، وبشكل أكبر من أجل تحفيز واشنطن على العمل معها من أجل تجنب فقدان فرص صادرات الأسلحة وفرص الاستثمار في المملكة.
ومع ذلك، فمن غير المحتمل أن تسقط الرياض أيا من صفقاتها الجديدة مع موسكو فور الحصول على ما تريده من واشنطن. إن تقديم شيء لروسيا هو وسيلة لحثها على حجب الدعم عن السياسات الإيرانية التي تعتبرها المملكة معادية وهذا أمر مهم للرياض. وفي حين أن روسيا ليست في وضع يمكنها من أن تحل محل الولايات المتحدة باعتبارها أهم قوة خارجية في الشرق الأوسط، فقد أصبح دور موسكو هناك مهما بما فيه الكفاية للرياض للتنافس مع منافسيها الإقليميين في التأثير على السياسة الروسية.

المصدر | مارك كاتس - معهد دول الخليج في واشنطن