هل يعيش شيعة السعودية حصارا إعلاميا؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 439
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

حوار/ محمد عبد العاطي: هل يعيش شيعة السعودية حصارا إعلاميا يمنعهم من طباعة كتبهم الدينية والتعبير عن آرائهم وأفكارهم في وسائل الإعلام المختلفة، أم أن هذا القول مبالغ فيه والأمر لا يعدو أن يكون تنظيما تفرضه الحكومة حتى لا تتحول وسائل الإعلام كما تقول إلى منابر لإذكاء نيران التعصب التي يمكن أن تؤدي إلى فتنة طائفية؟

المشهد الشيعي في المملكة من زاوية الإعلام وحرية الرأي والتعبير هو ما نحاور فيه بعض الرموز الإعلامية السعودية.

 قيود إعلامية:

محمد المحفوظ، «كاتب صحفي شيعي في جريدة الرياض»:

محمد محفوظ• بداية أستاذ محمد دعنا نرصد ما تقولون إنه قيود على حرية الإعلام والتعبير بالنسبة للشيعة في المملكة، ما مظاهر ذلك؟

- فعلا توجد قيود، فبالنسبة إلى الكتاب الديني الشيعي لا يسمح بطباعته في المملكة، كما أن توزيع هذا الكتاب في المملكة جد محدود.

• ما السبب في ذلك؟ هل توجد جهات رقابية معينة تمنع هذه الكتب؟

- نعم، هناك رقابة على كل ما يتعلق بالكتب الدينية، وهذه الرقابة ترى أن بعض كتب الشيعة تتضمن بعض المسائل التي قد لا تنسجم ورؤيتهم إلى الدين الإسلامي.

• ماذا تفعلون بعد رفض الرقابة طباعة كتبكم؟ هل تتظلمون مثلا إلى القضاء السعودي؟

- الموضوع لا يحول إلى القضاء باعتبار أن المنع عادة يأتي شفاهة وليس كتابة. ولكننا نقول الآتي: نحن كشيعة المملكة نرفض أن يتوزع كتاب يهين الرموز الدينية للمسلمين الآخرين، ولكن في الوقت نفسه ينبغي ألا يكون هذا الموضوع حائلا ومانعا من أن يتواصل المواطنون جميعا مع الكتاب الديني الإسلامي الذي لا يتضمن سبا للآخر.

بل بالعكس نحن نرى أن إفساح المجال للكتاب الديني المعتدل الذي يحترم قناعات الآخر ورموز وعقائد الآخر يساهم في بلورة حالة معتدلة على المستوى الفكري والاجتماعي.

• هذا بالنسبة للكتاب فماذا عن المجلة والصحيفة؟

- نفس الحالة، لا توجد مجلات ولا صحف شيعية توزع في السوق السعودية.

• هل تقدم فريق منكم بطلب معين لإصدار صحيفة أو مجلة ورفض؟

- هنا في المملكة نظام المطبوعات نظام مؤسسات وليس نظام أفراد، بمعنى أن هناك مؤسسات صحفية بإمكانها أن تصدر مجلة أو جريدة وتشكل منظومة إعلامية متكاملة، وبالتالي لا يحق لأي شخص أو شركة أن تصدر جريدة أو مجلة إلا وفق نظام المؤسسات الصحفية، وهو نظام محدد وثابت ولا يمكن تغييره، ولا يمكن إضافة مؤسسة صحفية جديدة.

• وهل ينطبق ما تقول أيضا على الإذاعة التلفزيون؟

- نعم هو كذلك.

• وماذا عن الكتابة الفردية في الصحف المحلية كما هو شأنك أنت؟

- يوجد كتاب شيعة في السعودية يكتبون في الصحف الرسمية، ولكن لا يكتبون موضوعات شيعية أو مذهبية، وإنما يتعاطون الشأن السياسي العام. وهذا دليل على أنه عندما يفسح المجال وتتبلور قنوات التواصل والعطاء لا يصبح الخطاب مذهبيا مغلقا وإنما يصبح الخطاب وطنيا يثري مفهوم الوحدة الوطنية ويثري مفهوم التعدد الثقافي والاجتماعي الموجود في المجتمع.

 صحيح.. والتغيير قادم:

داود الشريان «مدير مكتب صحيفة الحياة بالرياض»:

داوود الشريان• أستاذ داود، أنت إعلامي سعودي بارز تعيش هموم العمل الإعلامي اليومي، هل تقر بوجود قيود إعلامية على شيعة السعودية؟

- ما يتعلق بأن الشيعة في المملكة لا يتحدثون عن قضاياهم الخاصة أو قضايا العقيدة في وسائل الإعلام فهذا صحيح، لكن أنا أعتقد أنه في طريقه إلى التغير لأن هذه الحالة هي نتاج ثقافة شعبية واجتماعية.

وبودي أن أؤكد أن وسائل الإعلام العربية تطرح موضوع الشيعة في السعودية من وجهة نظر انفصالية، وهذا غير وارد عند الشيعة أصلا، لأن الشيعة جزء من المجتمع السعودي في إطار الوحدة الوطنية ورموزهم حاربت مع الملك عبد العزيز وبايعته، وبالتالي نحن السعوديين لا ننظر إلى هذا الموضوع بمنظار شيعة أو سنة، لا بد من توضيح هذا الأمر حتى لا يأخذ شكل حساسية.

• فكيف إذن تكيف المشكلة الشيعية؟ وهل توافق على ما يقولون إنه تمييز طائفي يمارس ضدهم لا سيما في الجانب الإعلامي وهو مجال حديثنا الآن؟

- قضية الشيعة ليست مع الحكومة بقدر ما هي مشكلة اجتماعية، ففيها بعد تاريخي اجتماعي، وفيها رؤية من السنة سواء أكانوا في السعودية أم في مصر أم في لبنان، فهؤلاء لهم رؤية خاصة للعلاقة بين السنة والشيعة، هذه الرؤية نتج عنها -مع التراكم- تقاليد وعادات بعضها أدى إلى قوانين.

هذه القوانين ستتغير، وهناك في السعودية قناعة حكومية واجتماعية بضرورة التغيير لا سيما بعد ما حدث في العراق وظهور الشيعة العراقيين كعرب وكقبائل وتغير الانطباع الذي كان موجودا عن الشيعة والذي تسببت فيه الثورة الإيرانية عام 1979.

وإنصافا للحكومة السعودية فإنها لا تتعامل مع الأقلية الشيعية كما تتعامل دول أخرى معهم بالحديد والنار، فقد تبوؤوا مناصب، وهم رجال أعمال كبار يملكون الملايين.

 ليسوا سواء:

تركي السديري «رئيس تحرير صحيفة الرياض»:

تركي السديريليس كل الإعلاميين السعوديين سواء، فلكل واحد منهم طريقته الخاصة في التعبير عن وجهة نظره في ما يتعلق بوجود قيود إعلامية على شيعة السعودية أو عدم وجودها.

فداود الشريان شرح وجهة نظره بأسلوبه الخاص في الفقرة السابقة، أما تركي السديري رئيس تحرير صحيفة الرياض اليومية فاختار طريقة أخرى للتعبير عن وجهة نظره تلخصت في جملة واحدة قالها بغضب وأغلق سماعة الهاتف.. «دع محمد المسفر أو عبد الباري عطوان يجيبانك».. «يقصد الدكتور محمد المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر والسيد عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي التي تصدر في لندن».

 ليس لكونهم شيعة:

عبد الرحمن الراشد «رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط»:

عبد الرحمن الراشدأما عبد الرحمن الراشد رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط فيرفض التعميم وإطلاق الكلام على عواهنه، فيقول:

ليس صحيحا أن الكتاب الشيعة ممنوعون من العمل في الصحف السعودية، فهم موجودون وزملاء لنا في المهنة ولم يمنعهم أحد. لكن ما هو ممنوع في الإعلام الرسمي السعودي هو انتقاد الطوائف الدينية سواء الشيعية أو المسيحية أو حتى اليهودية. كذلك ممنوع انتقاد القيادات الدينية بصورة شخصية.

• وماذا عن الشيعة السعوديين تحديدا؟

- بالنسبة للطائفة الشيعية تحديدا فإن منع بعض الكتب من الطباعة ليس لكونهم شيعة، فهناك كتب ممنوعة لغيرهم، على سبيل المثال هناك ثلاثة أو أربعة كتب ممنوعة للسيد غازي القصيبي وزير الموارد المائية.

• نفهم من كلامك أنك تريد أن تقول إن المنع يتم لأسباب سياسية وليست مذهبية؟

- بداية أؤكد أن صحافتنا في المملكة ليست صحافة حرة بالمعني الحقيقي الكامل، لكني في الوقت نفسه أؤكد بموضوعية وأمانة أن صحافة المملكة خلال العامين أو الثلاثة الماضية شهدت تطورا ملموسا في مجال الحرية مقارنة بما كان عليه الوضع في عام 1993 على سبيل المثال، فمن يتابع الصحف السعودية مثل الرياض والوطن وعكاظ وغيرها سيجد انتقادا متزايدا للأداء الحكومي، وسيجد في تغطيتها للحرب على العراق على سبيل المثال اختلافا واضحا، فهذه الصحيفة كانت تعارض الحرب وتلك كان لها وجهة نظر أخرى، والصحيفتان موجودتان وتباعان في الأسواق جنبا إلى جنب.

                                                                        الجزيرة 2/7/2006