"وأنا ما لي ومال معركة النفط"

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3435
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الخلاف الحالي بين الرياض وأبوظبي داخل أوبك يهم المواطن قبل الحكومات فالخلاف قد يكون لصالح المواطن في دول تستورد الطاقة.

المواطن معذور لأنه غارق في البحث عن لقمة العيش المُرة والحياة الصعبة وعن حلول للتعامل مع قفزات الأسعار المتواصلة التي باتت شغله الشاغل!

هل هي معركة دول نفطية كدول الخليج والجزائر وروسيا وأميركا ونيجيريا هي معركة نخب وتجار نفط وأثرياء ومضاربين بسوق الطاقة وأسهم شركات نفط وغاز؟

هل تقدم الدول النفطية المنتجة كالسعودية والإمارات وروسيا على إغراق الأسواق بالنفط وتدخل حرب أسعار كما في 2018 فتهاوى سعر البرميل دون 30 دولارا؟

*     *     *

الغالبية العظمى من المواطنين العرب لا يهمها كثيرا ما يحدث في أسواق النفط العالمية، ولذا قد لا تتابع المعركة الشرسة الدائرة حاليا داخل منظمة "أوبك" التي تضم كبار منتجي الخام الأسود، ولا تعير اهتماما بالخلاف السعودي الإماراتي داخل تحالف "أوبك+"، أو بالحروب النفطية المتوقعة، والنزاعات الحادة حول حصص الإنتاج.

ولا يهم هذه الأغلبية انحياز روسيا للموقف السعودي، أو تدخل إدارة بايدن لحل النزاع وحث البيت الأبيض الجميع على ضبط النفس، حتى لا يلقي الخلاف النفطي الخليجي بظلاله السلبية على أسعار النفط.

وعندما تسأل مواطنا عن رأيه في المعركة الدائرة داخل منظمة أوبك والمخاوف من حدوث قفزات في أسعار الوقود والمنتجات البترولية المختلفة، يمطّ شفتيه قائلا: "ما لي ومال معركة النفط، هذه معركة الدول النفطية مثل دول الخليج والجزائر وروسيا والولايات المتحدة ونيجيريا وغيرها، هي معركة النخب وتجار النفط والأثرياء والمضاربين في سوق الطاقة وأسهم شركات البترول والغاز".

ويكمل "اسألني أولا عن حال رغيف الخبز وأسعار السلع الغذائية والدواء واللحوم وفواتير الكهرباء والمياه والغاز والصرف والنظافة وغيرها من أمور الحياة والمعيشة، اسألني أولا عن مصروفات الصحة والتعليم، عن ابني الذي لا أجد له مكانا في مدرسة حكومية، وشقيقه الحاصل على مؤهل جامعي والذي فشلت في إيجاد فرصة عمل له، وأبي المصاب بمرض مزمن الذي لا أجد له سريرا في مستشفى".

هذا المواطن وغيره الكثير معذور في رأيه، ذلك لأنه غارق في البحث عن لقمة العيش المُرة والحياة الصعبة، وعن حلول للتعامل مع قفزات الأسعار المتواصلة التي باتت الشغل الشاغل له، ليل نهار، وبات يئن تحت ظروف معيشية بالغة القسوة، وتضخم لا يرحم، وفوضى أسعار، وجشع حكومة واحتكار تجار ومستوردين، ومن طوابير طويلة، سواء أمام أفران الخبز وفي الأسواق والمحال التجارية، أو في محطات الوقود، ودخلٍ لا يغطي إلا النزر اليسير من تكاليف الحياة من مأكل ومسكن ودواء ومواصلات وتعليم وغيرها.

لكن في المقابل، فإن ما يحدث داخل منظمة أوبك والخلاف الحالي بين الرياض وأبوظبي يهم المواطن قبل أن يهم الحكومات، فالخلاف قد يكون في صالح المواطن في الدول المستوردة للطاقة مثل مصر وتونس والأردن والمغرب والسودان واليمن وسورية وغيرها من الدول العربية التي تخصص موازناتها مليارات الدولارات لشراء الوقود من بنزين وسولار، وذلك في حالة واحدة هي إقدام كبار الدول النفطية المنتجة مثل السعودية والإمارات وروسيا على إغراق الأسواق بالنفط والدخول في حرب أسعار، كما حدث في عام 2018، حيث تهاوى سعر برميل النفط إلى أقل من 30 دولارا.

وقد يفتح الخلاف الحالي داخل تحالف أوبك+ أبواب جهنم على المواطن، حينما تقفز أسعار النفط إلى 100 دولار وربما أكثر كما حدث في العام 2021، وهو ما تتخذه الحكومات مبررا لرفع أسعار الوقود والتخلص من دعم البنزين والسولار والغاز وفرض أعباء جديدة على المواطن.

* مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد